Arabic

في منعطف مفاجئ وحاد آخر، يميز إلى حد كبير المرحلة التاريخية التي نعيشها، بدأ هجوم مفاجئ من قبل المتشددين الإسلاميين السوريين في تفكيك سوريا بسرعة. إن حروب إسرائيل المدعومة من الغرب ضد غزة ولبنان قد حطمت التوازن الهش في الشرق الأوسط وسحبت خيطا بدأ في فك نسيج المنطقة بأسرها.

يوم الخميس 21 نوفمبر، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أخيرا مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع السابق، يواف غالانت، بتهمة “جرائم حرب”.

يبرز عام 1917 باعتباره نقطة تحول في تاريخ البشرية. فللمرة الأولى في التاريخ تنهض الجماهير الكادحة والمضطهَدة للنضال وتنتصر! لكن يمكننا أن نقول على وجه اليقين إن ذلك النصر لم يكن ممكنا إلا بفضل وجود حزب مدرب نظريا ومتمرس عمليا، حزب هو الأكثر ثورية في التاريخ: الحزب البلشفي. رغم ذلك فإنه حتى ذلك الحزب كان ليفشل في تحقيق تلك المهمة لولا وجود القيادة الواضحة والثابتة للينين.

لقد تحركت الأمور في الشرق الأوسط في اتجاه تصعيد الحرب خارج غزة منذ هجوم حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023. وقد كانت كل المحاولات لكبح جماح هذه العملية لها نفس المنوال. ففي البداية يصرح الأميركيون بأنهم لا يريدون التصعيد. ولكن في كل مرة يفعل نتنياهو شيئًا لدفع الحرب إلى التوسع لأنه يعلم أن الولايات المتحدة سوف تقف دائمًا إلى جانب إسرائيل.

تصاعدت حرب الكلمات بين إسرائيل والأمم المتحدة إلى درجة وقوع هجمات متعمدة من جانب الجيش الإسرائيلي على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان. تكشف هذه الاستفزازات عن العجز المحرج للأمم المتحدة وشعور إسرائيل بالإفلات التام من العقاب في الوقت الذي تدفع فيه باتجاه حرب إقليمية جديدة.

إن غيوم عاصفة تتجمع فوق الشرق الأوسط في الوقت الذي تدفع فيه إسرائيل، بدعم من القوى الإمبريالية الغربية، المنطقة إلى حافة حرب إقليمية شاملة مدمرة، وهو ما يؤكد مرة أخرى على أن الاختيار الذي يواجه البشرية هو: إما الاشتراكية أو الهمجية.

في الساعات الأولى من صباح الأول من أكتوبر، عبر الجيش الإسرائيلي حدود لبنان وبدأ غزوا بريا للبلد، وذلك بعد أسبوعين من الضربات الجوية العنيفة. هذه حرب رجعية تماما، مدعومة وممولة من قبل الإمبريالية الأمريكية والإمبرياليات الغربية، وتهدد بإغراق الشرق الأوسط بأكمله في حرب مفتوحة قد تستمر لسنوات وتخلف معاناة مروعة في أعقابها.

لقد تمكن الجيش الإسرائيلي من اغتيال زعيم حزب الله، حسن نصر الله، إلى جانب قادة كبار آخرين في المنظمة، بعد الغارات الجوية المكثفة التي شنها على منطقة الضاحية الجنوبية في بيروت. ويبدو أن رئيس الجبهة الجنوبية لحزب الله، علي كركي، قد قُتل هو أيضا في ذلك الهجوم. كان نتنياهو هو شخصيا من وجه الأمر بالضربة، ومن الواضح أنه يستفز حزب الله، وداعمه الرئيسي إيران، للدخول في حرب شاملة مع إسرائيل. هذا الخطر صار الآن أقرب من أي وقت مضى.

في هجوم فاضح آخر على حرية التعبير، يتعرض عدد من رفاقنا الألمان للقمع ويقدمون للمحاكمات لوقوفهم ضد المضبحة التي تنفذها الدولة الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني. إننا نرفض بشدة الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة التي توجهها الدولة الألمانية لرفاقنا، ونعرب عن تضامننا الكامل معهم.

في الوقت الذي أكتب فيه هذه الأسطر، يهيمن على عناوين الصحف الإعلان الصادم بأن روسيا ستكون “في حالة حرب” مع الولايات المتحدة وحلفائها إذا هم رفعوا القيود المفروضة على استخدام أوكرانيا للصواريخ الغربية بعيدة المدى لتوجيه ضربات في عمق الأراضي الروسية.

أدت استعادة الجيش الإسرائيلي، خلال نهاية الأسبوع، لجثث ستة رهائن كانوا محتجزين لدى حماس في غزة، إلى انفجار غضب موجه ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ويوم الأحد، خرج مئات الآلاف إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة في جميع أنحاء إسرائيل. أصيبت البلاد بالشلل بفعل الإضراب العام الذي دعت إليه نقابة الهستدروت (المنظمة العامة للعمال في إسرائيل)، صباح يوم الاثنين 02 شتنبر. يحمل المتظاهرون نتنياهو مسؤولية مقتل الرهائن، نظرا لتخريبه الواضح والمستمر للمفاوضات مع حماس. هذه أزمة سياسية جدية للغاية، وقد تؤدي إلى إقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي.

يجري مؤخرا في الصحافة وعلى وسائل التواصل الاجتماعي تداول رقم 186 ألف قتيل كنتيجة متوقعة لعدد القتلى في غزة. وقد نشأ هذا العدد المروع من القتلى من تقرير نشرته صحيفة The Lancet، وهي المجلة الطبية البريطانية الأكثر شهرة، والتي حاول النظام الإسرائيلي وأنصاره الغربيون تشويه سمعتها باعتبارها تنشر “افتراءات” لا أساس لها من الصحة. في الواقع، عندما تجتمع أشهر من القصف المتواصل مع سوء التغذية والأمراض الناجمة عن الحصار الإسرائيلي، فقد ينتهي الأمر بأن يكون هذا الرقم أقل بكثير من الواقع.