غزة تقصف من جديد مع اتجاه الحكومة أكثر نحو اليمين

Arabic translation of Gaza bombed again as Israeli government moves even further right


يوم الاثنين (31 أكتوبر) التحق أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب يسرائيل بيتني، بالائتلاف الحكومي الذي يقوده الحزب البرجوازي كاديما. ثاني أقوى حزب في هذا الائتلاف هو حزب العمل الإصلاحي بزعامة بيرتز، الذي بدأ يتجه نحو اليمين بمجرد ما أصبح زعيما. إن حزب يسرائيل بيتني حزب يميني عنصري متطرف يدعو إلى طرد المواطنين الفلسطينيين من إسرائيل.

لقد عين ليبرمان وزيرا للأهداف الاستراتيجية، أي ما يشبه وزيرا ممتازا للحرب، بما أن بيرتز لا يزال يحتل منصب وزير الدفاع.

والنتيجة المباشرة لتعيين ليبرمان هي استعراض جديد للقوة من جانب الجيش الإسرائيلي في غزة. يوم أمس (الخميس)، صرحت مصادر فلسطينية أن ثلاثة فلسطينيين قتلوا، من بينهم شيخ في الخامسة والسبعين من عمره، بينما جرح ثمانية آخرون نتيجة للهجوم الإسرائيلي على مدينة بيت حانون، شمال قطاع غزة، بعد إصابتهم بقذيفة. وصرح مسؤولون بالمستشفى أن 15 شخصا جرحوا، من بينهم أربعة أطفال وامرأة أصيبوا عندما ضربت قذيفة مدفعية منزلهم. الثلاثة هم محمود فياض 75 سنة، روحي عقل 23 سنة ودياب البسيوني 15 سنة. قتل محمود فياض عندما خرج إلى شرفة منزله ببيت حانون لإدخال ابنه المقعد. أصابته رصاصة في الرأس أطلقتها عليه القوات الإسرائيلية.

اليوم، الجمعة، قتل 9 فلسطينيين آخرين، من بينهم امرأة في الأربعين من عمرها. صرح مسؤولون في مستشفى غزة أن طفلا توفي في الصباح الباكر من هذا اليوم متأثرا بجراح أصيب بها أمس بسبب نيران الجيش. هذا يرفع عدد القتلى الفلسطينيين إلى 24 منذ بداية الهجوم الحالي على غزة يوم الأربعاء الماضي.

أعلن الجيش الإسرائيلي كالعادة أنه يستهدف فقط "المقاتلين"، منذ اختطاف الجندي جلعاد شاليت. لكن إسرائيل قتلت 320 فلسطيني، 28 منهم فقط كانوا مسلحين، هؤلاء المسلحين كانوا شبابا لا يحملون سوى البنادق في مواجهة الدبابات والجنود المدربين.

قال الجيش أن هدف الهجوم على بيت حانون كان هو الحيلولة دون إطلاق صواريخ القسام على جنوب إسرائيل. لكن صواريخ القسام هذه، وعلى عكس الصواريخ التي استعملها حزب الله خلال حرب لبنان الأخيرة، عديمة الفعالية. لا تستطيع أن تقتل المرء إلا إذا أصابته في الرأس مباشرة! وقد أعلن الجيش أنه سوف يواصل الهجوم على بيت حانون لعدة أيام أخرى، وأنه صدر الأمر يوم الأربعاء، من طرف لجنة الأمن للتحضير لعملية واسعة النطاق في قطاع غزة. الإصابات في الجانب الإسرائيلي لا تزال لحدود الآن جد محدودة، حيث لم تقتل المقاومة سوى جندي إسرائيلي واحد، العريف كيريل غولينشين، 21 سنة من الشقيف، التي هي مستوطنة مقامة على الأراضي المحتلة سنة 1967. وكما هي العادة يتجاوز عدد القتلى من الفلسطينيين كثيرا عدد القتلى في الجيش الإسرائيلي.

هذه المذبحة التي نفذت بدم بارد ضد سكان بيت حانون، تعبير عن الأزمة المتواصلة داخل دولة إسرائيل. إنها محاولة يائسة لاستعادة ماء الوجه من طرف هؤلاء السياسيين الذين أصدروا الأوامر بشن حرب لبنان الثانية والتي انتهت بهزيمة آلة الحرب الإسرائيلية. آنذاك قتل سلاح الجو الإسرائيلي أكثر من 1000 مدني لبناني، باستعمال أسلحة من بينها قنابل يدخل في تركيبتها اليورانيوم. والآن هاهم هؤلاء السياسيون المتعفنون يتبادلون الاتهامات ويتآمرون ضد بعضهم البعض.

يحاول رئيس الأركان، دان هالوتز، الحفاظ على مقعده، بعدما أرسل أربعة من قادة الجيش إلى التحقيق من طرف لجنة شكلية. هده الخطوة جاءت بدون موافقة وزير الدفاع بيرتز. في الوقت نفسه، سيواجه رئيس إسرائيل محاكمة بسبب جرائم متعلقة باعتداءات جنسية ومن المحتمل أن ينتهي رئيس الوزراء الإسرائيلي، أولمرت، أمام المحكمة بسبب استعمال السلطة لأغراض شخصية. كل يوم هناك فضيحة جديدة. هذا هو السبب الذي يجعل هذه الحكومة بحاجة إلى تشتيت انتباه الجماهير من خلال مواصلة الحرب في لبنان، لكن هذه المرة ضد قوة أضعف.

في هذا السياق اتجهت الحكومة أبعد إلى اليمين. بعد دخول ليبرمان إلى الائتلاف، ُطلب من الحكومة أن تصادق على عملية عسكرية موسعة بدأت دون أي موافقة من طرف الحكومة المدنية.

ردا على ذلك، طالب وزير البنية التحتية الوطنية، بنيامين بن إليعيزر، أحد أكثر أعضاء حزب العمل يمينية، في حوار للإذاعة، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، دان هالوتز، بالاستقالة من منصبه. قام بهذه الخطوة إثر فشل قيادة هالوتز خلال الحرب اللبنانية الثانية. وأضاف أن دان هالوتز أخطأ بعدم اتخاذه لإجراءات ضد القادة الذين قاتلوا في حرب لبنان.

يأتي هذا بعد أن قال بيرتز لهالوتز أنه سيواصل مراجعة المتابعات المقترحة. لقد ضجر بيرتز من قرار رئيس الأركان مراوغته وعدم عزل القادة العسكريين الأربعة. إلا أن أيام بيرتز على رأس وزارة الحرب ستكون قليلة بعد موافقته على دخول ليبرمان إلى الحكومة كوزير أعلى للحرب.

قرار القيادة اليمينية لحزب العمل القبول بالتحاق ليبرمان بالحكومة، صودق عليه من طرف أغلبية واضحة داخل اللجنة المركزية للحزب. خلق هذا ضجة بين صفوف قيادة الحزب، إذ كان من بين المبررات التي استعملها الحزب للدخول في ائتلاف مع كاديما هو "منع" ليبرمان من الدخول في ائتلاف مع أولمرت!

إن حزبا عماليا يدخل في حكومة ائتلافية مع حزب برجوازي لا يمكنه إلا أن يخون الوعود التي قدمها لمؤيديه. لقد قدمنا نحن، كما يمكن لقرائنا أن يتذكروا، دعما نقديا لقيادة حزب العمل خلال الأسبوعين الأولين من صعود بيرتز إلى رئاسته، عندما دفعت تصريحاته وممارساته بالجناح اليميني آنذاك إلى مغادرة الحزب والالتحاق بكاديما. في ذلك الوقت، أشعل بيرتز جذوة من الأمل بين صفوف الطبقة العاملة اليهودية والعربية. أما الآن فهذه القيادة لم ترتكب فقط جريمة شن حرب إمبريالية، بل أيضا قبولها لليبرمان داخل الحكومة. ليس من الغريب إذن أن يكون حزب العمل الآن في أزمة.

وزير الثقافة والرياضة، أوفير بينيس، الذي قاد حملة المعارضة لإدماج يسرائيل بيتني في الائتلاف، كان مدعوما من طرف أعضاء الكنيست العرب و"متمردي" حزب العمل مثل داني ياتوم، شيلي ياشيموفيتش وأفيشاي برافيرمان. أوفير بينيس باز غادر الحكومة فعلا احتجاجا ووعد بأن يشكل كتلة يسارية داخل حزب العمل لمواجهة القيادة خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة. آخرون من قبيل برافيرمان رفضوا الدخول في الحكومة. إن مسألة هل سيعملون معا على تشكيل كتلة يسارية على أساس برنامج يساري جدي، رهينة بعامل واحد: هل ستبدأ الطبقة العاملة في إسرائيل النضال ضد هجمات الحكومة خلال المرحلة المقبلة.

الاحتجاج الأقوى جاء من لدن المنظمة الشبيبية للحزب، التي كانت في الماضي أقوى مساند لبيرتز وأجبرت مرشح حزب العمل إلى الرئاسة على مغادرة الائتلاف السابق.

حسب استطلاع الرأي الذي قامت به هاآرتز ودايلوغ، تحت إشراف البروفيسور كميل فوش، بداية هذا الأسبوع، وصلت نسبة الدعم التي يتمتع بها رئيس الوزراء إيهود أولمرت إلى 20% فقط. توسيع الائتلاف بضم يسرائيل بيتني نال تأييد 39% من المستجوبين، بينما قال 35% منهم أن إدماج أفيغدور ليبرمان في الحكومة سيجعلها أسوء. وارتفع أيضا عدد مقاعد البرلمان التي كان حزب نتنياهو الليكود، سينالها لو نظمت انتخابات اليوم، إلى 28. ثلاثة من هذه المقاعد تعود ليسرائيل بيتني، الذي تراجع من 18 خلال الاستطلاع السابق إلى 15 هذا الأسبوع.

حسب نفس الاستطلاع، سيفقد حزب العمل مقعدا واحدا مقارنة مع الاستطلاع السابق، حيث سينزل إلى 14، بينما سيرتفع عدد مقاعد كاديما بواحد، ليصل إلى 17. حزب المتقاعدين تبخر تقريبا. 82% من المستجوبين يعارضون وزير الحرب عمير بيرتز. ولا يدعمه سوى 14 %. ويعاني حزب العمل بدوره من معدل رفض يساوي 68%.

والأكثر إثارة للاهتمام هو أنه إذا ما نظمت اليوم انتخابات لاختيار قيادة حزب العمل، بين بيرتز في مواجهة عضو الكنيست أوفير بينيس باز، الذي استقال من منصبه الوزاري احتجاجا على إدماج ليبرمان في الائتلاف، فإن بينيس سينال 45% من الأصوات.

هنالك مؤشرات واضحة عن وجود مشاعر سخط بين العمال.اليوم صادقت نقابة عمال المطار على الإضراب الذي بدأ أمس مساء احتجاجا على خطة تسريح 120 عامل مؤقت. يشارك 500 عامل في الإضراب، بالرغم من القرار الصادر عن محكمة الشغل بتل أبيب، الذي يأمرهم بمواصلة العمل وبالرغم من الأمر الذي وجهته سلطات المطارات الإسرائيلية إلى العمال الدائمين لكسر الإضراب وتعويض العمال المؤقتين المضربين.

قال عضو في نقابة العمال خلال حوار صحفي، لمراسل هاآرتز: « قررت الإدارة، بشكل غير متوقع ومن وراء ظهورنا، وبالرغم من المفاوضات، أن ترسل إخبارات الطرد إلى العمال. إن الإدارة تواصل العمل من وراء ظهورنا [نحن العمال]، وهدفها هو الالتفاف حول عقود العمال ومنع العمال القدامى من حقهم في الترسيم.»

حكام إسرائيل يحضرون لحرب جديدة، ليس فقط في غزة. إن الأمل الوحيد لدى الجماهير الإسرائيلية التي تعيش في هذا الفخ المميت، هي الطبقة العاملة التي مصلحتها هي إسقاط هذه الطبقة السائدة المتعفنة وتكنس هذا النظام الرأسمالي المنحط وتعوضه نظام الديموقراطية العمالية المبنية على أساس الاقتصاد المؤمم والمملوك والمراقب والمسير ديموقراطيا من طرف العمال، اليهود والعرب على السواء. وكما قلنا في عدة مرات سابقة، فإن الحل الوحيد لهذا الجحيم هو إقامة فدرالية اشتراكية للشرق الأوسط، التي ستضم دولة فدرالية عمالية لإسرائيل/ فلسطين حيث كلتا القوميتين ستتمتعان بأراضي حكم ذاتي خاص بهما.

عنوان النص بالإنجليزية:

Gaza bombed again as Israeli government moves even further right